التربية ومراعاة المواهب المتعددة للطلبة
تهتم التربية بتنمية الطالب أكاديميا او معرفيا لكنها قد تهمل جوانب أخرى تفوق هذا الجانب أهمية، فقد وجدت الأبحاث أن الفرد يملك مواهب متعددة لم تزل المدرسة تتجاهلها او تخمدها في كثير من الأحيان، وإن الأفراد الذين تعطلت مواهبهم لفترة طويلة من النادر أن يستطيعوا استخدام تلك المواهب في المستقبل.
وبين كلفورد (Guilford) وهو احد علماء النفس المشهورين أن الفرد يملك (120) موهبة وضعها في نموذج سماه تركيب الذهن، وهو يمثل ما يشبه الجدول الدوري للعمليات العقلية، وفي ضوء ذلك يمكن القول أن هنالك ما يقارب 120نوعا من الموهوبين، ومن ذلك شخص موهوب بالتخطيط وآخر باتخاذ القرارات وثالث بالاتصال ورابع ....الخ.
إن مراعاة المواهب المتعددة عند الأطفال من شأنها أن تتيح لكل منهم النمو في المجال الذي ينسجم مع مواهبه ليأخذ نصيبه العادل في الإسهام في تقدمه وتقدم وطنه . أما إذا روعيت موهبة واحدة فقط وهي الموهبة الأكاديمية فإن هنالك غمطا لحقوق الغالبية العظمى من الأفراد . وهذا لا ينسجم مع مبادئ الديمقراطية التي ينبغي أن تسود المجتمعات التي تهتم ببناء وتطوير بلدانها .
ويتفق مبدأ مراعاة المواهب المتعددة تماما مع الفلسفة التربوية والنفسية التي تهتم ببناء الفرد كليا وليس جزئيا . إن مبدأ الاهتمام بالتنمية الشمولية للطالب يعني إتاحة الفرصة له لأن يظهر كل قابلياته وإمكانياته التي يملكها ، كما أن مراعاة المواهب المتعددة ينسجم مع النظرة الإنسانية في التربية والتي تعتبر الطالب فردا له ميوله وحاجاته ورغباته وقيمه ومشاعره وقابليته الخاصة للتطور مما ينمي روح الثقة بنفسه .
ولكي نستطيع الكشف عن تلك المواهب كمعلمين ينبغي استخدام استراتيجيات تدريسية وتقويمية متنوعة لنتيح لكل طالب فرصة اكتشاف مواهبه ، وأن يكون مركز العملية التعليمية هو المتعلم ، إذ لابد أن نهيئ له الأجواء لكي يتعلم ويكتشف المعلومات بنفسه ، وأن يمارس من خلال تعلمه العمليات العقلية المختلفة من تخطيط وتجريب واتخاذ قرارات واستنتاج .. الخ .
وقد وجد العالم تايلور (taylor) وهو المشهور في مجال رعاية تعدد المواهب من خلال بحث أجراه على سبعة طلاب لست مواهب هي : الموهبة الأكاديمية ، الإبداع ، التنبؤ ، التخطيط ، اتخاذ القرارات والاتصال أن الطفل الأول في الموهبة الأكاديمية كان تسلسله الرابع في الإبداع والثاني في التخطيط والسادس في الاتصال والثالث في التنبؤ والأخير في اتخاذ القرارات . بينما كان الأخير في الموهبة الأكاديمية سادسا في الإبداع وخامسا في التخطيط والأول في الاتصال والسادس في التنبؤ والثاني في اتخاذ القرارات ، ويرى تايلور أنه لو أخذت الموهبة الأكاديمية فقط عند تقييم الطلاب فإن نسبة 50% منهم تقريبا تقع فوق الوسط ، بينما لو أخذت المواهب الست المذكورة فإن أكثر من 90% منهم يقع فوق الوسط . وهذا يبرر بشكل واضح أهمية مراعاة المواهب المتعددة سواء في عملية التخطيط أو التنفيذ أو التقييم للفعاليات المدرسية .[/color]